تشهد صادرات الفستق الإيراني لأوروبا أزمة حادة، بعد إعادة 26 شحنة من الفستق لتلوثها بمادة "اسموم فطرية"، وهي مادة سامة تنتجها بعض أنواع الفطريات، وتلوث محاصيل مثل الذرة والفول السوداني والفستق، فيما رفضت السلطات الأوروبية الدعوات الإيرانية للتفاوض أو زيارة طهران لمعالجة المشكلة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أبلغ إيران عام 2022 بنيّته تشديد معاييره المتعلقة بمستويات "الأفلاتوكسين" في الفستق، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يتعاملوا بجدية مع التحذيرات، حتى اشتد خطر حظر استيراد الفستق الإيراني إلى أوروبا.
وأدى هذا الإهمال في نهاية المطاف إلى إعادة 26 شحنة من أصل 226 شحنة فستق كانت قد صُدّرت من إيران.
وأكد محمد مهدي برومندي، نائب وزير الزراعة لشؤون البستنة، خبر إعادة شحنات الفستق الإيراني من أوروبا.
وأشار إلى حجم صادرات الفستق الإيراني إلى الاتحاد الأوروبي مقارنةً بإجمالي صادرات هذا المنتج إلى دول أخرى، موضحًا أنه "يتم تصدير حوالي 140 ألف طن من الفستق سنويًا من إيران، ويبلغ نصيب الاتحاد الأوروبي من هذا الرقم نحو 7500 طن فقط".
وتأتي تصريحات برومندي في وقت تخشى فيه الجهات الخاصة من تداعيات استمرار أزمة الفستق في أوروبا.
وذكر عبدالله مهاجر دارابي، عضو هيئة رئاسة غرفة التجارة الإيرانية، أن المشكلة "كان يجب حلها منذ 6 أشهر، وليس انتظارها حتى اللحظة".
وأوضح برومندي خلال اجتماع طارئ في غرفة التجارة الإيرانية عُقد في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن المسألة الأساسية هي ازدياد معدلات التلوث، رغم تحذيرات الاتحاد الأوروبي والمتابعة الحكومية المستمرة، مما أثر سلبًا على سمعة الفستق الإيراني في الأسواق العالمية.
أثر دخول شركات السيارات في تجارة الفستق
وأشار مسؤولون اقتصاديون إلى أن دخول شركات السيارات الإيرانية إلى سوق تصدير الفستق في محاولة لتغطية احتياجاتها من العملة الصعبة، أدى إلى تراجع مستوى الجودة في المنتجات المصدرة.
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرح مهدي طبيب زاده، عضو غرفة التجارة، بأن بعض شركات السيارات التي واجهت مشكلات في توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، لجأت إلى تصدير منتجات كالفستق والنحاس والصلب.
وفي 10 أكتوبر، أوضح محمد علي محمد ميرزائيان، رئيس لجنة تطوير الصادرات في غرفة التجارة بإقليم كرمان، أن دخول شركات السيارات إلى تجارة الفستق أضرّ بجودة الفستق الإيراني وسمعته.
وأضاف محمد صالحي، رئيس مجلس إدارة جمعية الفستق الإيراني، أن هذه الشركات باعت الفستق بأسعار أقل من السوق، مما تسبب في خسارة بعض الأسواق الهامة، مثل الصين، حيث انخفضت الصادرات إلى بكين من 200 ألف طن إلى أقل من 20 ألف طن.
نقص الطاقة وتداعياته على محصول الفستق
وإلى جانب المشكلات التجارية، أثر نقص الطاقة في إيران على إنتاج الفستق، حيث أدى انقطاع الكهرباء المتكرر إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمحاصيل. ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، صرح حميد رضا ترابي، رئيس لجنة الزراعة في غرفة كرمان، بأن انقطاع الكهرباء عن المضخات الزراعية أدى إلى تلف ما يقارب 20 إلى 40 في المائة من المحصول في كرمان.
وفي وقت لاحق، أعلن أحمد حيدري، مسؤول وزارة الزراعة في رفسنجان، عن تضرر حوالي 7200 طن من الفستق بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر.
وبات من الواضح أن هذه الأزمات المتلاحقة، من تلوث الفستق بـ"الأفلاتوكسين" إلى تدخل شركات غير متخصصة في التصدير، ونقص الطاقة، تُهدد استمرارية صادرات الفستق الإيراني، وتضع مستقبل هذا المنتج العريق في خطر.